samedi 13 juillet 2024

العولمة الثقافية والأمركة







 العولمة الثقافية والأمركة



عندما تلحق الثقافة بالعولمة، يتبادر إلى الذهن كلمات ومصطلحات أصبحت تتردد في كثير من المؤتمرات والندوات العلمية، مثل: العولمة هي الأمركة، أي تعميم النموذج الأمريكي للحياة والسلعنة أي تعميم قيم السوق على الفعاليات الثقافية وتحويل الثقافة إلى سلعة وتهديد الهوية الثقافية، أو ما يرتبط بين أعضاء مجتمع واحد ويجعل منهم جماعة متفاعلة متواصلة وهي المصطلحات التي تتردّد كثيراً في الجلسات الدراسية التي تكرسها اللقاءات الثقافية التي تعقد في العالم أجمع في هذه الفترة لمناقشة ومواجهة التحديات التي تثيرها العولمة.

ومع بروز ظاهرة العولمة ظهر الجدل الفكري حول التحدي الذي تفرضه العولمة على السيادة الثقافية للدولة القومية، فالعولمة جاءت لتعبر عن وضع جديد غير عصر الحداثة، فإذا كانت الدولة القومية وليدة الثورة الصناعية الأولى نتيجة لفصل الدين عن الدولة، فإن العولمة وليدة الثورة الصناعية الثالثة، ونتيجة لفصل الأمة عن الدولة وبالتالي فصل لثقافة الأمة عن السيطرة التامة على الدولة بحيث أصبح للآخرين أيضاً تأثير فيها، وهذا ناتج في الأساس عن العولمة التي لا تعترف بالحدود، سواء كانت مادية أو غير مادية فهي تدعو إلى سوق بلا حدود في الجانب الاقتصادي، وهي  بالمثل تدعو إلى ثقافة بلا حدود.

فهل يؤدي الانفتاح المتبادل للفضاءات الاقتصادية والثقافية والإعلامية إلى الأمركة أو السيطرة الأحادية للولايات المتحدة الأمريكية، أم يقود بالعكس إلى

تطوير وتعميق التعدّدية الحضارية والثقافية والسياسية؟




يبدو أن طرح مسألة الانفتاح العالمي يشير دائماً إلى الآخرين كضحية محتملة، إن لم نقل حتمية، يوحي وكأن التهديد القائم بالنسبة إلى الهويات الجماعية ناجم عن توسیع دائرة التفاعل والاندماج بين الثقافات لا عن غياب استراتيجيات فعالة للثقافات الضعيفة والمجتمعات التي تحملها للاستفادة من هذا التفاعل، وللحد من آثاره السلبية. إنه أسلوب يعكس مخاوف الجماعات الضعيفة من المستقبل أكثر مما

يساعد على الكشف عن تغيير الشروط غير المتكافئة التي يحصل فيها هذا التفاعل والتي تفضي به إلى سيطرة الثقافات الأقوى والأكثر تطوراً ونضجا (٤٤) : وهبنا الله يؤكد برهان غليون أن التفكير في العلاقات بين الثقافات ليس موضوعاً جديداً




على النقاش العلمي والأيديولوجي العلمي، فقد صاغت الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع الثقافي مفاهيم عديدة وقوية لفهم الآليات التي تحكم صراع الثقافات أو

التثاقف» الذي سيطر على أبحاث العلماء

تفاعلها، ومن هذه المفاهيم العديدة مفهوم الحقبة الماضية، ومفهوم الاستلاب» الذي سبقه، والذي ارتبط بتحليل الآثار في السلبية العميقة التي تركتها الحقبة الاستعمارية وفي فترة لاحقة، وعلى هامش هذين المفهومين العلميين، تكاثرت الأبحاث التي تتحدث عن الهيمنة الثقافية والإمبريالية الثقافية، بل أكثر من ذلك، عن الغزو الثقافي، فهل تدخل الآثار التي ستتركها العولمة الثقافات البشرية في إطار هذه المفاهيم المتداولة والسابقة عليها، أم أنها تحتاج إلى في تطوير مفاهيم جديدة أكثر ملاءمة للأوضاع الناشئة عن دمج العالم إعلامياً واتصالياً، هذه الثقافات؟ وأكثر فاعلية إجرائية في فهم مستقبل العلاقات بين 

طبيعي الحال.

كما يرى برهان غليون فإن الأمركة ليست ثمرة للعولمة، ولكنها أحد أركانها. إن العولمة ليست نظاماً عالمياً أو نموذجاً عالمياً للحياة نشأ نتيجة تفاعل للثقافات العالمية، ولكنه نظام جديد من العلاقات بين الثقافات، كما هو الجماعات والدول والأسواق، نشأ في سياق صراع التكتلات الرأسمالية الكبرى على الهيمنة العالمية. إنه يعكس إذاً هذه الهيمنة في بنيته العميقة، ويكرّس الموقع المتميز للولايات المتحدة فيها بقدر ما يعكس المشاركة الرئيسية للرأسمالية الأمريكية في ثورة المعلومات وتؤدي هذه الهيمنة بما يلحقها من تطورات تقنية وتبدلات جيو - استراتيجية تعمل على تقريب المسافات وتوحيد أنماط الحياة المادية والفكرية، دوراً أساسياً ، في دمج الدوائر الثقافية المختلفة، وإنشاء فضاء ثقافي لمنتجات الثقافة الأمريكية بأن تروّج


مشترك، أو قائم فوق الثقافات القومية يسمح . وتنافس منتجات الثقافة الأخرى إلى حد كبير وبالمثل يرى عبد الإله بلقزيز أن تعميم النمط التجاري والسلعي على الثقافة والمنتجات الثقافية، يشكل سمة أساسية في العولمة الراهنة والمقبلة. ولا يمكن أن تجعل من هذا التعميم المحتوى الأهم للصيرورة الراهنة، ولا المحصلة الضرورية والحتمية لها، فالتوسع الرأسمالي ليس من منتجات العولمة، ولا نضيف شيئاً إلى هذا المفهوم إذا اقتصرنا في تحليله على إظهار توسع الرأسمالية، أو إذا اعتبرناه تجسيداً للتوسع الأفقي أو العمودي للرأسمالية. والرأسمالية سابقة على العولمة، بما ذلك ميدان الثقافة، وهذا هو الذي يفسر خضوع الثقافة بشكل أكبر فأكبر




لقوانين السوق وظهور الثقافة الجماهيرية وهي ليست كلها بالضرورة ظاهرة سلبية، ولعل المقصود بالسلعنة الإشارة إلى ما يتضمنه إخضاع الثقافة المنطق السلعة التجاري، من استلاب الإنسان المتزايد وتفاقم غربته في العالم الجديد يركز الذين يتحدثون عن الأمركة في الواقع على ما يمكن أن يؤدي إليه الانتشار الواسع لمنتجات الثقافة الأمريكية، وليس بالضرورة للثقافة، لكن هانتنغتون صاحب الكتاب الشهير صراع الحضارات يشرح بأن استخدام المنتج الأمريكي لا يؤدي بالضرورة إلى أمركة مستخدميه، حيث يقول: «الفكرة التي تدفع إلى الأمام لتطرح أن نماذج الاستهلاك الغربي والثقافة الشعبية حول العالم تخلق حضارة عالمية هذه المناقشة ليست عميقة ولا هي ذات أهمية أو صلة بالموضوع فالبدع الثقافية انتقلت من حضارة إلى حضارة عبر التاريخ، والاختراع في حضارة معينة كان في العادة يؤخذ من قبل حضارة أخرى، وهذه ذلك ، إما تقنيات مفتقرة في النتائج الثقافية المهمة، أو بدع تظهر وتختفي دون أن تغير الخلفية الثقافية للحضارة المستقبلة. هذه المستجلبات تؤخذ في الحضارة المستقبلة لها، إما لأنها مثيرة، أو لأنها مفروضة. في القرون الماضية، كان العالم الغربي في بعض الفترات يتغاضى عنه بالحماس لمنتجات ثقافية صينية أو هندية مختلفة. في القرن التاسع عشر، أصبحت المستجلبات الثقافية من الغرب ذات شعبية في الصين والهند، لأنها كان يبدو أنها تعكس القوة الغربية إن المناقشة الآن حول انتشار ثقافة البوب والسلع الاستهلاكية في العالم على أنها تمثل انتصار الحضارة الغربية معناها أنه يسفه الثقافة الغربية، إن الحقيقة القائلة بأن غير الغربيين ممكن أن يتشبئوا بالأخيرة ليس له أي دلالة لقبولهم الأولى وهي أيضاً ليست ذات دلالة بالنسبة إلى اتجاهاتهم نحو الغرب في مكان ما في الشرق الأوسط ستة أشخاص يمكن أن يرتدوا الجينز ويشربوا الكوكاكولا، ويستمعوا إلى موسيقى الراب (Rap) وخلال توجههم بخشوع إلى مكة يضعون معاً قنبلة لتفجير طائرة ركاب أمريكية. خلال السبعينيات والثمانينيات استهلك الأمريكيون ملايين السيارات اليابانية وأجهزة التلفزيون وآلات التصوير والمنتجات الإلكترونية دون أن يصيروا يابانيين، وفي الحقيقة أصبحوا بشكل واضح أكثر عدوانية نحو اليابان. والغرور الساذج فقط يمكن أن يقود الغربيين إلى الاعتقاد بأن غير الغربيين سيصيرون متمدنيين على النمط الغربي باكتساب السلع الغربية. ما الذي حقاً يعني قوله




للعالم عن الغرب عندما يعرف الغربيون أنفسهم وحضارتهم بالسوائل الغازية والبنطالونات ذات الموضع، والأطعمة الدسمة؟ . إن الرؤية الأن أصبحت أكثر تعقيداً، لأن التسلط لم يكن فقط على السلع الاستهلاكية ولكن على وسائل الإعلام. الهيمنة الأمريكية على صناعة التلفزيون والفيديو والسينما العالمية تتجاوز في هيمنتها حتى على صناعة الطائرات، فـ ٨٨ بالمئة من الأشرطة السينمائية الأكثر إقبالاً على مشاهدتها في العالم سنة ١٩٩٣ كانت أمريكية، وهناك مؤسستان أمريكيتان ومؤسستان أوروبيتان تسيطر على جمع ونشر الأخبار على مستوى العالم. هذا الموقف يعكس ظاهرتين: الأولى عمومية الاهتمام البشري بالحب والجنس والعنف والغموض والبطولة والثروة والثانية قدرة الشركات المدفوعة بالربح، خاصة الأمريكية، على استغلال هذه

الاهتمامات لمصالحها الخاصة.

وكما أنه لا يوجد دليل يدعم الافتراض بأن ظهور وسائل الاتصال العالمية المنتشرة يولّد التقاء مهماً للتحول الثقافي، فإن بني البشر يفسرون الاتصالات بحسب منظوراتهم وقيمهم القبلية الخاصة . بهم إن الصور المرئية نفسها يتم في آن واحد استقبالها في غرف المعيشة في جميع أنحاء العالم 

ويشير رونالد دور إلى أن ذلك قد يؤدي إلى ظهور ثقافة فكرية عالمية في ما بين الدبلوماسيين والمسؤولين العموميين، ومع ذلك فهو يصل إلى خلاصة عالية القيمة تتعلق بتأثير الاتصالات الحاد مع تساوي بقية الأشياء، فيقول: إن التزايد الحاد في الاتصالات سيؤكد الأساس المتزايد للمشاعر الأخوية بين الشعوب، أو على الأقل بين الطبقات الوسطى، أو حتى على أقل من ذلك بين الدبلوماسيين في العالم، وبعكس أشكال السيطرة الأخرى ليس من الممكن التأكد تماماً . من آليات السيطرة الثقافية، فالاحتفاظ بالاعتقادات والعادات مكبوتة أو سرية والتوليف الدائم بين منظومات القيم والأفكار والقدرة على تعايش المنظومات المنتمية إلى ثقافة وأجيال متباينة، كذلك التقنيع والتورية كلها آليات يصعب السيطرة عليها والتحكم بها، وهي التي تسير عالم الثقافة وحقوله المتشعبة. إن سيطرة ثقافة على أخرى لا يمكن أن تكون كاملة ولا مطلقة ولا يمكن أن تمنع المجتمعات بجزء من تراثها ومن الاتكاء عليه في هذه اللحظة أو

الخاضعة

من

الاحتفاظ




تلك لرمي الثقافة المسيطرة ، أو بدء حملة نقضها والتشهير بها. ومن هذه الفجوة الحتمية في السيطرة الثقافية ومن المعارضة التي يمكن أن تعتمد عليها، عندما توجد إرادة التحرر لدى المجتمعات تولد الثقافات المهزومة من جديد  العنا إن اعتبار ثقافة أمريكية في معناها الخاص، يعود إلى أن الوسائل والقدرات والمصالح والنيات والغايات التي تقود العولمة هي كلها أمريكية، فيما أن الولايات المتحدة الأمريكية تتمتع اليوم بأدوات ووسائل القوة بمعناها الشامل، فإنها تحاول أن تسخّر العولمة لصالحها حتى يمكننا القول إن الخطط والأطروحات المتتابعة التي يشهدها العالم اليوم من أجل ولادة العولمة إنما ترتبط عموماً بالمشروع السياسي الأمريكي الجديد، وهو المشروع الساعي لتوحيد العالم من خلال رأسمالية

السوق


وعلى اعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب قوتها العسكرية وشبكتها التجارية والمالية تملك شبكة واسعة للاتصال، فتفوقها التكنولوجي أتاح لها أن تسيطر على ۷۰ بالمئة من الرحبة العالمية من الحاسبات والعقول الإلكترونية، وأن تفرض لغتها الإنكليزية المتأمركة لغة عالمية في مجال الإعلاميات، فهذا التفوق التكنولوجي جعلها صاحبة السبق في ابتكار أشكال وأدوات النظم المعلوماتية، وبالتالي تسيطر على صناعة المعرفة من خلال مصارف المعطيات التي تختزن كماً من المعرفة والمعلومات مما يعطي للثقافة الأمريكية صفة الشمولية والعالمية، ويجعلها تتحكم في الذاكرة الجماعية للشعوب الأخرى. لهذا، فالنموذج الأمريكي للحياة صار يغزو العالم قاطبة حاملاً الرسالة الأمريكية الثقافية تحت اسم ثقافة العولمة وحرية الاتصال وثورة التكنولوجيا وموت الأيديولوجيا، وهذا ما مهدت له السياسة الأمريكية منذ بداية الثمانينيات 

ماثلاً


وفي حين ينتهي الرأي بأن العولمة هي صياغة العالم النهائية، فحسب هذا الرأي ستكون صياغة غربية وعولمة أمريكية، أي إخراج ثقافات البشر جميعهم ونهائياً من دائرة المنافسة والصراع اللذين امتدا آلاف السنين بين هذه الحضارات وحضارة الغرب، وبالتالي تبعية البشر جميعهم للنموذج الغربي الأمريكي. 



إلا أن

هانتنغتون يصرح في رأي مختلف أن العولمة ليست هيمنه أمريكية بقدر ما هي حضارة كونية أو عالمية المعاني، فهو يقول : إن الفكرة تتضمن عموماً الالتقاء الثقافي للبشرية والقبول المتزايد للقيم والعقائد والاتجاهات والممارسات والمؤسسات المشتركة للشعوب في جميع دول العالم  .




 الموقف العام من العولمة

كما تشتت الباحثون والمختصون في تعريف العولمة، فقد بثّ أيضاً الخلاف بينهم فهم بين مؤيد ومعارض، ووسط بين تأييد واعتراض، فالمؤيدون ينظرون إليها على أنها الرفاهية القادمة لجميع الشعوب وهي النقلة الحضارية التي ستأخذ بيد جميع الدول نحو مستقبل أفضل، وهؤلاء يبشرون بأن البشرية مقبلة على عصر جديد مجيد تنتصر فيه كل القيم الرفيعة كاحترام حقوق الإنسان - خاصة حقوق المرأة - والديمقراطية والعقلانية والموضوعية والتقدم التكنولوجي. وسأعرض هنا

آراء المؤيدين أو المدافعين أو المحايدين عن العولمة :

- يستغرب فرانسيس فوكوياما، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مازون وصاحب الكتاب الشهير نهاية التاريخ، رأي الذين يعارضون العولمة، ويرى أن العولمة واعدة بالتحديث وبقدر كبير من الشفافية والانفتاح، وتعليم أفضل وبدافع هو التقدّم في التقنية المعلوماتية الذي لا يمكن مقاومته، والأمم التي ترفضها محكوم عليها بأن تكون متخلفة». وواضح ما في هذا الرأي من التأييد هي أمم متخلفة. والمدافعة الواضحة عن العولمة، حتى إنَّ الأمم التي ترفضها - في نظر فوكوياما -


يقول رونالد روبرتسون: إنني لا أجادل في كون أن المجتمع المكوّن قومياً هو على حافة الانهيار، بل إنه على العكس من ذلك يجدد نفسه في مناطق متنوعة من العالم كالمجتمع المتعدد الثقافات بينما ظهرت القومية الأوروبية القديمة وقوميات أخرى، وإن في ظروف عالمية جديدة في سياق الاهتياج السياسي للعالم عام ۱۹۸۹ والأعوام التي تلته وقد ألحت على أن المجتمعية أي الالتزام بفكرة المجتمع القومي، هي مكوّن أساس للشكل المعاصر للعولمة لتحويل

العالم إلى مكان واحد  .



اما د. محمد عابد الجابري، فيصفها بأنها أيديولوجيا تعبر بصورة مباشرة. عن إرادة الهيمنة على العالم وأمر كله 

ويرى شارل البهر ميشاليه أن العولمة ما هي إلا مرحلة تمر بها الرأسمالية التي تغيرت في كل مرحلة من مراحلها استجابة لصعوبات واجهتها، لكن وإن تغلبت على صعوبات فإنها ستواجه صعوبات ويرى أن العولمة المزق الدول الوطنية وتقيم على أنقاضها مناطق صناعية اقتصادية .

ويرى الصحافي والكاتب فريدريك لوميتر أن العولمة في أزمة، وأن هناك شعوراً عاماً يتعمق شكه في فضائل العولمة، خاصة بعد أيام من افتتاح قمة دافوس تحت حماية الجيش السويسري، إذ إن بعض الشركات بدأت تقلق، وما كان مجرد إحساس صار أمراً مؤكداً - عولمة الاقتصاد - وهذه الشركات هي رأس الحربة . ويرى ليستر و تورو، أستاذ الاقتصاد في جامعة ماساشوسيتس الأمريكية، مقابلة أجراها في اللوموند أن العولمة أمر واقع، وأن الرأسمالية تتجه اليوم إلى فرض نفسها على العالم، وسيتقلص دور الدولة، لأن هناك أشياء لم يعد بإمكانها القيام بها، مثل الرقابة على الرأسمال، لكن هناك مجالات مستحتفظ فيها الدولة، ولوقت طويل بدور مهم مثل الأمن والتعليم الليلة الأعلى ويوضح ليسترو تورو في هذا الرأي أن العولمة واقعة لا محالة، وستكون الهيمنة للرأسمالية.


  في بلات العيا مالك ويرى جيمس روزناو أن العولمة تقيم علاقة بين مستويات متعددة للتحليل الاقتصاد والسياسة والثقافة، والأيديولوجيا، وتشمل إعادة تنظيم الإنتاج، وتداخل الصناعات عبر الحدود، وانتشار أسواق التمويل، وتماثل السلع المستهلكة لمختلف الدول . إلخ وغيرها، وآليات العولمة في نظره هي التفاعل الحواري الثنائي والجماعي، وتكنولوجيا الاتصال والمنافسة والمحاكاة وتماثل المؤسسات وهنا يرى روزنا و أنه في ظل العولمة ستنظم العملية الإنتاجية، ويحدث تفاعل حواري مع بروز دور تكنولوجيا الاتصال .

.. 


ويرى ديفيد أبتر، أستاذ السياسة المقارنة في جامعة بال، أن استقام فوكوياما فضائل العولمة أهمل بعض النتائج الكارثية للظاهرة، التي هي في البلدان الأكثر تصنيعاً كما في البلدان المسماة عالم ثالث بحيث تقوى الفروق بين المستفيدين منها وضحاياها. لقد قادت العولمة إلى توافق تدريجي للإحساسات الأخلاقية. أما أبتر فيرى أن المخاطر تقلص من فعالية برامج المساعدة الموجهة إلى المهمشين، مما يساهم في وجود البطالة ويؤدي إلى التهميش الاجتماعي


ویری شارل باسكوا أن العولمة ليست قدراً ويستشهد على فشل فكرة العولمة بالتظاهرات التي تصاحب المؤتمرات الخاصة بالعولمة فيقول : إن المظاهرات العارمة في سياتل، والتي لا مثيل لها منذ حرب فييتنام، وأكثر من ذلك التصميم القوي عند كل الوقود على رفض العجلة الطاحنة المتمثلة في جعل العالم سلعة تجارية، النافية للشعور وللثقافات والمصالح الوطنية، لقد ثبت أنها ليست إلا أشكالاً من الأيديولوجية الليبرالية المتطرفة التي تقوم على فرضية عجز الدول، والتي يراد فرضها على الشعوب باعتبارها أمراً واقعاً

شي

أنظمة

- ويذهب الباحثان هانس - بيتر مارتين وهارالد شومان إلى أن العولمة. عبارة عن المجتمع الخمس فيه ثري والأربعة أخماس هم فقراء. ويرون أن أهمية رأس المال الجديدة تقتلع دولاً بمجملها وما تقوم عليه هذه الدول من اجتماعية، وفي حين ترتفع أسعار الأسهم وأرباح المؤسسات بنسب تبلغ عشرة في المئة وأكثر ، تنخفض أجور العاملين ورواتب المستخدمين، وفي الوقت نفسه تتفاقم البطالة بشكل مواز للعجز في الموازنات الحكومية .


ويستند عمرو محيي الدين إلى تعريف محايد للعولمة ذاع في الغرب، وهو زيادة درجة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الإنسانية من خلال عمليات انتقال السلع ورؤوس الأموال وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات». ويرى العولمة استخدمت آليتين لعولمة النشاط الإنتاجي * : التجارة الدولية، والاستثمار الأجنبي المباشر مع لعب الشركات المتعددة الجنسيات دوراً واضحاً في ذلك لاختراقها الأسواق العالمية المختلفة بالمنتجات المتعددة والمختلفة أيضاً. ويؤكد عمرو محيي الدين أنه الم يكن من الممكن لهذه العولمة أن يكتب لها النجاح ما لم


تصاحبها وتساندها عولمة سياسية وثقافية في قرارات النخب السياسية في هذه البلدان وفي اختياراتها الاستهلاكية 

وفي رأي آخر يرى مهدي الحافظ أن النقد ينصب على آليات ووسائل العولمة لأنها ذات عواقب خطيرة تتجسّد في تهميش البلدان النامية في النظام العالمي لكن هذا الموقف لا يعكس بدوره فهماً موضوعياً سليماً لظاهرة العولمة باعتبارها مجموعة آليات ووسائل لتطوير القوى المنتجة وتوسيع القدرات التقنية للمجتمع الإنساني، وهي تعبير عن حاجات موضوعية متنامية للتقدم الإنساني، إلا أن المعضلة تبرز في الخلط بين هذه الوسائل والآليات واستخدامها لأغراض

استغلالية وضارة بمصالح الشعوب  .

أما تركي الحمد فيرى أنه من الضروري مواجهة المتغيرات التي سادت افلا بد في النهاية من الانخراط في المتغيرات السائدة والتعايش معها، وإن لم نتخرط بإرادتنا اخترقنا على رغم إرادتنا. ولكن مهما حدث فإنه لن يجعلنا نكف عن أن تكون عرباً ومسلمين أو خلاف ذلك في ما يتعلق بعناصر هويتنا الذاتية. قد لا تكون هذه العروبة» مثلاً متوافقة مع هذا النموذج المفارق أو ذاك، بناء على هذه الأيديولوجيا المتبناة أو تلك، وقد لا يكون الإسلام الممارس متوافقاً مع تلك التأويلات النموذجية المتعالية والمفارقة التي يحملها هذا التيار أو ذاك، ولكن الثوابت المعروفة والممارسة للعروبة والإسلام التي هي معلومات لِكُلّ أحد، لا تحتاج إلى تنظير أو أدلجة أو وصاية ،نخبوية، وهذا ما حصل مع المسيحية التي لم الحداثة الأوروبية».

تلاش مع

ويرى الحمد أننا كعرب بحاجة من أجل المواجهة إلى انقلاب معرفي يحدد من جديد تلك العلاقات التي تربطنا بأنفسنا والعالم من حولنا والكون المحيط، وإذا أردنا أن نمثل تاريخياً هذا الخط فيمكن القول إننا بحاجة إلى العودة، طالما أننا نحب مفاهيم العودة والرجوع إلى الوضع الثقافي والمعرفي الذي كان سائداً قبل تشريع الشافعي للعقل العربي الإسلامي، أو عقلنة العقل العربي الإسلامي وفق المفهوم العربي للعقل .

ويذهب د. سيار الجميل إلى أنه من الضروري لنا كعرب وكمسلمين أن

تصاحبها وتساندها عولمة سياسية وثقافية في قرارات النخب السياسية في هذه البلدان وفي اختياراتها الاستهلاكية 

وفي رأي آخر يرى مهدي الحافظ أن النقد ينصب على آليات ووسائل العولمة لأنها ذات عواقب خطيرة تتجسّد في تهميش البلدان النامية في النظام العالمي لكن هذا الموقف لا يعكس بدوره فهماً موضوعياً سليماً لظاهرة العولمة باعتبارها مجموعة آليات ووسائل لتطوير القوى المنتجة وتوسيع القدرات التقنية للمجتمع الإنساني، وهي تعبير عن حاجات موضوعية متنامية للتقدم الإنساني، إلا أن المعضلة تبرز في الخلط بين هذه الوسائل والآليات واستخدامها لأغراض

استغلالية وضارة بمصالح الشعوب.

أما تركي الحمد فيرى أنه من الضروري مواجهة المتغيرات التي سادت افلا بد في النهاية من الانخراط في المتغيرات السائدة والتعايش معها، وإن لم نتخرط بإرادتنا اخترقنا على رغم إرادتنا. ولكن مهما حدث فإنه لن يجعلنا نكف عن أن تكون عرباً ومسلمين أو خلاف ذلك في ما يتعلق بعناصر هويتنا الذاتية. قد لا تكون هذه العروبة» مثلاً متوافقة مع هذا النموذج المفارق أو ذاك، بناء على هذه الأيديولوجيا المتبناة أو تلك، وقد لا يكون الإسلام الممارس متوافقاً مع تلك التأويلات النموذجية المتعالية والمفارقة التي يحملها هذا التيار أو ذاك، ولكن الثوابت المعروفة والممارسة للعروبة والإسلام التي هي معلومات لِكُلّ أحد، لا تحتاج إلى تنظير أو أدلجة أو وصاية ،نخبوية، وهذا ما حصل مع المسيحية التي لم الحداثة الأوروبية».

تلاش مع

ويرى الحمد أننا كعرب بحاجة من أجل المواجهة إلى انقلاب معرفي يحدد من جديد تلك العلاقات التي تربطنا بأنفسنا والعالم من حولنا والكون المحيط، وإذا أردنا أن نمثل تاريخياً هذا الخط فيمكن القول إننا بحاجة إلى العودة، طالما أننا نحب مفاهيم العودة والرجوع إلى الوضع الثقافي والمعرفي الذي كان سائداً قبل تشريع الشافعي للعقل العربي الإسلامي، أو عقلنة العقل العربي الإسلامي وفق المفهوم العربي للعقل . ويذهب د. سيار الجميل إلى أنه من الضروري لنا كعرب وكمسلمين أن

تعترف بوجود العولمة ومخرجاتها وأنماطها المتعدّدة الوجوه، خاصة أننا كعرب لنا أزماتنا ومشكلاتنا ومعضلاتنا، سواء الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية. د. سيار الجميل بعض المقترحات والحلول وهي :

١ - إن العولمة أنماط متعددة الوجوه ومناهج متنوعة الحقول، ومخاطر لامتناهية الحصول وعليه فلا بد من التنبه إلى أن من يعالجها عليه أن يلغي - ولو قليلاً - أفكاره التي تربى عليها.  ٢- إنه لا مراحل تاريخية قد مرت بها العولمة، ومن الضروري أن يتوغل الدارسون والمفكرون في فهم تجليات العولمة لمعرفة تموجاتها المعاصرة ودرء مخاطرها المقبلة والعمل على الكشف عن كيفية العمل ضمن آليات قبل أن

.لها

نصبح

طعاماً

٣ - إن العولمة في مفهومها ومدلولها ليست هي العالمية»، ولا يمكننا البتة أن نقرنها بعالمية الأديان مثلاً أو ببعض المذاهب السياسية والاقتصادية، فالعولمة مصطلحاً ومضموناً، قد ارتبطت بالكونية وأنظمة الإنسان المتنوعة سواء مع الأرض أو في الفضاء.  ٤- إن اتخاذ أية مواقف سياسية أو أيديولوجية أو عاطفية أو دينية أو إطلاقية من العولمة لا يخدم أبداً تفكيرنا العربي ومصيرنا القادم، ولا يمكن لأي متطفل على الموضوع أن يعبر عن هذه المواقف لأنه سيضر بالضرورة بحياتنا الفكرية، سواء أكانت هذه المواقف مع الظاهرة أم ضدها ومنغلقة عنها.

٥ ـ إن على العرب، ومعهم العالم الإسلامي كلّه أن يفكروا في ما يمكن اتخاذه من عمليات في مواجهتهم العولمة والعصر القادم، وما سيتعرض عالمنا وثوابتنا وواقعنا له من مشاكل ومخططات ومشاريع وأدوار وتحديات، ويكون الانغلاق عليها والانعزال عن شبكاتها الاتصالية. اهتمامنا بأولويات العولمة وأبرزها مفاهيمها تجاربها ، وتطبيقاتها. ولا ينفع البتة ٦٥ - ضرورة التوصل إلى تحقيق نتائج عملية وملموسة تكرس لتأسيس كتلة إعلامية متنوعة، ونظام تربوي أكاديمي مشترك، والاستفادة اقتصادية موحدة ـ لنا نحن العرب المسلمين - وكومنولث إسلامي متفتح، وشبكة المجالات الحيوية لتبادل مصالح حيوية، وتأسيس مفاهيم جديدة للمصالح الدولية، وتأمين الدائرة المحيطة الإقليمية التي تحتوي على أكبر احتياط بترولي في العالم، والشروع في خصخصة مرافق الدولة، مع اشتراط ضمان العيش الكريم، وتطوير بناء برلمان



عربي - إسلامي موحد وتمتعه بصلاحيات قوية ومؤثرة لإيجاد حلول عملية

 . للمشاكل الداخلية


 :المصدر

كتاب وقع العولمة في مجتمعات الخليج العربي دبي و الرياض انموذجان


الكاتبة بدرية البشر

بيروت- مركز دراسات الوحدة العربية




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire